الشهيد .. الذي لم يركع لله ركعة واحدة !!

 الله تبارك وتعالى هو رب كل شيء ، وهو الذي يستحق وحده العبادة ، وهو الذي يستحق الخضوع والتعظيم ، وهو الأولى بالحب ، فقد قال تعالى : ( قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء ) ( الأنعام : ١٦٤ ) 


لذا يجب علينا التسليم الكامل الله تبارك وتعالى في كل أمر من الأمور ، والاستعانة بالله وحده في كل النوازل ، وغاية المسلم التي يسعى إليها في هذه الحياة هي رضا الله عز وجل عليه ، وذلك لا ينال إلا بقصده تعالى وحده والإخلاص له ، والمسلم الذي يسعى إلى رضا الله لا بد أن يكون أمامه هدف واضح يجد في السعي إليه ، ويسابق العمر في تحصيله ، ومن ثم يدرك أنه لن يصل إلى غايته إلا بالإخلاص الله تعالى وحده . ضيفنا في هذه السطور عملاق عظيم لم يعش بعد إسلامه إلا ساعات وفاز بالشهادة ، بطل سطر يوم أحد أروع البطولات في عالم الفروسية ، وكانت بطولته يومئذ من أرفع بطولات الأبطال ، فقد كان يقاتل قتال الليوث المغاوير ، ويندفع إلى جيش قريش فيبدد جموعهم ، وهو يغامر مغامرة منقطعة النظير ، فينكشف عنه الأبطال والكماة الشجعان ، ويتطايرون أمامه كما تتطاير أوراق الخريف أمام الرياح العاتية .


 نحن على موعد مع رجل شق طريقه إلى الجنة دون أن يصلي في الإسلام صلاة واحدة ، لقد أخلص الله وحده فكان من الفائزين ، نحن نلتقي مع.

 الصحابي الجليل عمرو بن ثابت رضي الله عنه 

 ولقبه أصيرم بن عبد الأشهل ، ونتعايش مع موقفه البطولي يوم أحد ، فتعالوا بنا لنتجول بين صفحات التاريخ لنتعايش بقلوبنا وأرواحنا مع مشهد فريد عظيم لهذا الصحابي المحظوظ . لقد نجح أول سفراء الرسول ﷺ مصعب بن عمیر رضي الله عنه نجاحا منقطع النظير في الدعوة إلى الله في يثرب ، ولقد أسلم على يد هذا الداعية الفذ خلق كثر من الأنصار ، فأسلم جميع بني عبد الأشهل واحد الرجال والنساء ، أما عمرو بن ثابت رضي الله عنه فكان يابي الإسلام . 

وتمضي الأيام والأعوام ، ويهاجر الرسول الكريم ﷺ وصحبه رضي الله عنهم إلى المدينة ، وتتلمظ قريش بأحقادها ، وتعد عدة باطلها ، وتواصل مطاردتها الظالمة لعباد الله الصالحين ، وتقوم غزوة بدر ، فيتلقون فيها درسنا يفقدهم بقية صوابهم ، ويسعون إلى الثأر ، وتجيء غزوة أحد ، ويعبئ المسلمون أنفسهم ، فلما خرج رسول الله ﷺإلى أحد ، قدف الله الإيمان في قلب عمرو بن ثابت ، فأسلم ثم أخذ سيفه فلحق بالجيش عند جبل أحد ، فقاتل حتى أثبتته الجراحة . وبعد المعركة أخذ بنو عبد الأشهل يتفقدون أرض المعركة ، يودعون شهداءها ، وإذا هم عند جثمان عمرو بن ثابت رضي الله عنه ، وكان به رمق يسير ، قالوا : إن هذا الأصيرم ما جاء به إلى المعركة ؟ لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الأمر يعني الإسلام ، فسألوه ما الذي جاء بك يا صيرم ؟، أحدب على قومك أي حامية لهم أم رغبة في الإسلام ؟ قال : بل رغبة في الإسلام ، لقد آمنت بالله ورسوله ، وأسلمت ثم أخذت سيفي فغدوت مع رسول الله ﷺ ، ثم قاتلت مع رسول الله ﷺ رغبة في الجنة ، حتى أصابني ما ترون ، ثم لم يلبث إلا قليل حتى فاضت روحه في أيديهم 


 فذكروه لرسول الله ﷺ ، فقال : هو من أهل الجنة ! فقال أبو هريرة : مات ولم يصل الله صلاة قط . 

الحقيقة يا إخوة أن الحديث عن الصحابة ممتع ، والحديث عن الشهادة ممتع كذلك ، لكن الحقيقة عندما يتعرض الإنسان للخطر يعرف حجمه الحقيقي من بين هؤلاء الأبطال ، فالكلام سهل لكن الإنسان عندما يشعر أن أجله قد اقترب يختل توازنه ، فهؤلاء الصحابة رضي الله عنهم باعوا أنفسهم في سبيل عبرة یا شباب ، في هذا الخبر مثل واضح على أثر الجهاد في الإيمان بالله تعالى ، فهذا الأصيرم عمرو بن ثابت كان قبل أحد منكرا للإسلام مباعدا لقومه من المسلمين ، فلما علم من غزو الكفار للمسلمين في بلادهم ، لا طمعا في بلادهم وأموالهم ، وإنما فقط ليصرفوهم عن دينهم ؛ عظم هذا الدين في نظر الأصيرم فدخل قلبه حب الإسلام ، وكان إيمانه قويا إلى الحد الذي حمله على المشاركة في الجهاد الذي ه ذروة سنام الإسلام ، فلحق بقومه في أحد وقاتل الأعداء حتى استشهد رضي الله عنه . یا شباب ، لقد كان في حس الأصيرم وأمثاله أن دينا يحمل معتنقيه على التضحية بالأنفس والأموال من أجله ، ويحمل أعداءه على تجييش الجيوش من أجل القضاء عليه ؛ إنه دين عظيم في غاية الجلال والعظمة ، وإن أدنى ذلك أن يسارع المقتنعون بعظمته إلى اعتناقه ، ثم أن يبذلوا وسعهم وطاقتهم في الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله . 








حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-