عبد القدير خان
كانت صدمة ، كل العالم كان مذهولاً يوم تم إكتشاف أن باكستان إمتلكت القنبلة النووية ، لم تفهم المخابرات الأمريكية أو الغربية كيف أصبحت باكستان الدولة الإسلامية الضعيفة ثالث قوة نووية في العالم.
بدأ كل شيء بعيداً ، بعيداً جداً هناك في هولندا على يد رجل يدعى "عبد القدير خان" الذي أصبح يلقب في النهاية لدى سجلات المخابرات الغربية "شيطان المسلمين".
سنة 1936 ولد عبد القدير خان ليدرس ويتخرج سنة 1960 من كلية العلوم بجامعة كراتشي ، ليهاجر بعدها إلى أوروبا ويكمل دراسته بجامعة برلين ليتخصص في علوم المعادن وينال دكتوراة الهندسة من الجامعة الكاثوليكية ببلجيكا ، ثم حصل على وظيفة كمهندس معادن في معمل لتخصيب اليورانيوم في هولندا ، لتتم ترقيته تباعاً وتزداد ثقة مدرائه به حتى أصبحت لدى عبد القدير صلاحيات دخول أماكن والإطلاع على وثائق أبحاث سرية خاصة تلك المتعلقة بتكنولوجيا أجهزة الطرد المركزي للمفاعلات النووية ، باختصار كان عبد القدير خان يرى كل شيء.
كان خان في العمل عندما وصلته أخبار إنهزام بلده باكستان في حربها مع الهند سنة 1971 ، وأصبح يرى أن بلده مهدد بالزوال خاصة في ظل معرفته ببرنامج الهند النووي ، مما جعله يفكر ليل نهار في طريقة لمساعدة بلده ومقارعة الهند ، وبالفعل بدأ بإرسال رسائل سرية لبلده لعدة سنوات من دون أن يتلقى جواباً ، ليأتي الفرج سنة 1974 بإتصال من السفارة الباكستانية في هولندا تخبره بموافقة الرئيس "ذو الفقار علي بوتو" على مقترحه.
بدأ عبد القدير خان بتطبيق خطته حيث كان يقوم بنسخ تصاميم أجهزة الطرد المركزي للمفاعلات وغيرها من التكنولوجيات ، وجمع قائمة بأسماء شركات السوق السوداء التي يمكن أن تزود باكستان بالمواد اللازمة لتخصيب اليورانيوم في حال تم إكتشاف برنامج بلده النووي وتم فرض عقوبات عليها ، ليغادر بعدها مع عائلته هولندا في ديسمبر سنة 1975.
المفارقة أن شكوك الغرب ظهرت حتى عام 1979 لتفرض الولايات المتحدة عقوبات إقتصادية على باكستان ، لكن الدولة الإسلامية بالفعل كانت قد أنشأت شبكة توريد عالمية في السوق السوداء ، رغم أن كل شيء كان باهظ الثمن ومع تفاقم الأزمة الإقتصادية قال الرئيس الباكستاني مقولته المشهورة : "سنأكل العشب حتى نحصل على قنبلة خاصة بنا".
لتأتي الحرب السوفييتية الأفغانية التي كانت بمثابة جرعة أوكسيجين للبرنامج النووي الباكستاني ، ففي حين كان العالم مشغولاً بحرب أفغانستان كانت معامل كاهوتا في أقصى الصحراء تعمل من دون توقف ، بالإضافة إلى يقظة المخابرات الباكستانية التي حمت العلماء العاملين في المعامل النووية بالإضافة كشف وأغتيال الجواسيس قبل نشرهم لأي معلومات حساسة.
ليستفيق العالم بعد فوات الأوان على ثالث أقوى ترسانة نووية في العالم وأسرع برنامج نووي بطاقة 20 قنبلة نووية سنوياً وبقدرة قصوى تصل إلى 50 قنبلة سنوياً بالإضافة إلى 160 رأس نووي جاهز للإطلاق ، ليصبح عبد القدير خان شيطان المسلمين عند الغرب وتصبح تضحيات شعب باكستان فخراً للأمة.