عصر نفوذ السلاجقة [447 - 590هـ= 1055 - 1194م]

 عصر نفوذ السلاجقة 

[447 - 590هـ= 1055 - 1194م] السلاجقة أسرة تركية كبيرة، كانت تقيم فى بلاد «ما وراء النهر»، وتنسب إلى زعيمها «سلجوق بن تُقاق»، الذى اشتهر بكفاءته الحربية، وكثرة أتباعه. 

 وقد أسلم «سلجوق» وأتباعه، وخلَّف من الأولاد «أرسلان» و «ميكائيل» و «موسى»، وكان أبرزهم «ميكائيل»، الذى أنجب «طغرل بك» (محمد) و «جغرى بك» (داود)، اللذين قام عليهما مجد «السلاجقة». 

 هاجر السلاجقة بزعامة «طغرل بك» وأخيه «جغرى» فى الربع الأول من القرن الخامس الهجرى إلى «خراسان» الخاضعة لنفوذ الغزنويين، وبعد سلسلة من الصراع بين الغزنويين و «السلاجقة»، استطاع «السلاجقة» السيطرة على «خراسان» بعد هزيمة الغزنويين بقيادة السلطان «مسعود بن محمود بن سبكتكين» سنة (431هـ = 1040م) أمام «طغرل بك» وأخيه «جغرى». 

 وقد ساعد «السلاجقة» على توطيد سلطانهم انتماؤهم إلى المذهب السنى، وإعلانهم الولاء والتبعية للخليفة العباسى «القائم بأمر الله»، الذى عين «طغرل بك» نائبًا عنه فى «خراسان» وبلاد «ما وراء النهر» وفى كل ما يتم فتحه من البلاد. 

 وقد استطاع «السلاجقة» توسيع حدود مملكتهم بسرعة هائلة، فاستولى زعيمهم «طغرل بك» على «جرجان» و «طبرستان» سنة (433هـ)، وعلى «خوارزم» و «الرى» و «همدان» سنة (434هـ = 1043م) وعلى «أصبهان» سنة (443هـ = 1051م)، وعلى أذربيجان» سنة (446هـ = 1054م)، وبدأ يتطلع للسيطرة على «بغداد»، وقد هيأت له الأوضاع السائدة فى «العراق» تحقيق هذا الهدف. 

 دخول طغرل بك بغداد سنة (447هـ = 1055م) وسقوط دولة البويهيين

 كان القائد التركى المشهور «أبو الحارث أرسلان المظفَّر بن عبدالله» المعروف بالبساسيرى، من أكابر العسكريين الأتراك فى «بغداد» فى أواخر العهد البويهى، وكان يقوم بدور الحاكم العسكرى لمدينة «بغداد»، ويعد صاحب النفوذ الأكبر فى دار الخلافة، وقد كانت هناك خصومة شديدة بينه وبين «أبى القاسم بن المسلمة» (على بن الحسن بن أحمد) وزير الخليفة «القائم بأمر الله»، فاتهمه الوزير بالخيانة، واتصاله بالفاطميين فى «مصر» لميوله الشيعية، ولما تبين ذلك للخليفة «القائم بأمر الله» خشى أثر موقف «البساسيرى» على مستقبل «الخلافة العباسية»، فاتصل بالسلطان السلجوقى «طغرل بك»، وطلب منه القدوم إلى «بغداد» للاستيلاء على السلطة فيها ووضع حد لمحاولات «البساسيرى» الخطيرة ولعجز البويهيين عن إدارة شئون الدولة فاستجاب السلطان السلجوقى وتقدم بجنوده نحو «بغداد»، وأمر الخليفة بأن يُخطَب له على منابرها، قبل دخولها فى (25 من رمضان سنة 447هـ = نوفمبر سنة 1055م) بثلاثة أيام، وتم القبض على «الملك الرحيم» آخر ملوك البويهيين. 

 أصبح «طغرل بك» (ركن الدين أبو طالب محمد بن ميكائيل بن سلجوق) أولَ سلاطين «السلاجقة» فى «بغداد»، ابتداءً من (رمضان 447هـ = نوفمبر 1055م)، وقد استقبله الخليفة «القائم بأمر الله» بكل مظاهر الحفاوة والترحاب، ولقبه «ملك المشرق والمغرب». 

 الخلافة فى ظل السلاجقة

 رأى «السلاجقة» فى الخلافة السُّنية رمزًا دينيًا يعبر عن وحدة الأمة الإسلامية وعزتها، ونظروا إلى الخليفة على أنه تجسيد حى لهذا الرمز، فأحاطوه بهالة من التقدير والإكبار، ونعمت «الخلافة العباسية» فى ظل نفوذ «السلاجقة» بأمرين: الأول: سيادة المذهب السنى فى أرض الخلافة. 

 والآخر: إحاطة الخلافة بما هى أهل له من إكرام وإجلال؛ فأصبح من حق الخليفة اتخاذ وزير له، ورغم أن وزير السلطان السلجوقى كان بصفة عامة أوسع نفوذًا وأقوى تأثيرًا من وزير الخليفة، فإن ذلك لا يقلل من حقيقة التكريم الذى أسبغه «السلاجقة» على منصب الخلافة؛ حيث كانت السلطة الفعلية فى يد «السلاجقة»، وكانت سلطة الخليفة روحية أكثر منها سياسية. 

 فتنة البساسيرى ومحاولة إخضاع العراق للنفوذ الفاطمى

 عندما دخل «طغرل بك» «بغداد» اضطر «البساسيرى» إلى تركها، وبدأ يجمع حوله عددًا من الأنصار الساخطين على الأوضاع فى دار الخلافة، واستطاع الاستيلاء على «الموصل» سنة (448هـ = 1056م)، وخطب فيها للخليفة «المستنصر الفاطمى»، ثم مد نفوذه إلى «الكوفة» و «واسط»، وأغرى «إبراهيم ينَّال» - وهو أخو «طغرل» لأمه - بالانشقاق على أخيه ليضمن انشغاله عنه بفتنة أخيه. 

 وقد أمد «المستنصر الفاطمى» «البساسيرى» بما يدعم موقفه ويمكنه من مد نفوذه، فاستطاع فى (الثامن من ذى القعدة سنة 450هـ= السابع والعشرين من ديسمبر 1058م) أن يدخل «بغداد» بجيوشه، ويخطب فيها للخليفة الفاطمى، وخضعت «بغداد» للخلافة الفاطمية بمصر، واضطر الخليفة العباسى «القائم بأمر الله» ووزيره «ابن المسلمة» أن يضعا نفسيهما تحت حماية أحد أعوان «البساسيرى»، واسمه «قريش بن بدران»، فطلب «البساسيرى» من «قريش» تسليمه «ابن المسلمة»، فقتله شر قتلة فى (أواخر ذى الحجة سنة 450هـ = يناير 1059م)، وقام «قريش» بتسليم الخليفة العباسى إلى ابن عم له بنواحى «الأنبار» فآواه وقام بجميع ما يحتاج 

وحاول «البساسيرى» مد سلطانه على مدن «العراق» ما أمكنه ذلك، فاستولى على «البصرة»، وأوشك الأمر أن يستتب للفاطميين بالعراق لولا أن «المستنصر» شك فى نيات «البساسيرى» وحقيقة مخططاته، فمنع عنه عونه وتأييده؛ مما كان له أثره السيئ على موقفه فى مواجهة «طغرل بك»، الذى نجح فى القضاء على ثورة أخيه «إبراهيم ينَّال»، وقبض عليه وقتله فى (التاسع من جمادى الآخرة سنة 451هـ = يوليو سنة 1059م). 

 وعندما اقتربت جيوش السلطان السلجوقى «طغرل بك» من «بغداد» هرب «البساسيرى» فى اتجاه «الكوفة» فى (6 من ذى القعدة سنة 451هـ = 14 من ديسمبر 1059م)، وسيطر «طغرل بك» على «بغداد» بسهولة، بعد عام كامل من سيطرة «البساسيرى» عليها، وأعاد الخليفة «القائم بأمر الله» مكرَّمًا إلى دار الخلافة فى (25 من ذى القعدة سنة 451هـ = 14من ديسمبر سنة 1059م) ونجح فرسان «طغرل بك» فى قتل «البساسيرى» فى (8 من ذى الحجة سنة 451هـ = 15من ينايرسنة 1060م)، وبذلك بدأ السلطان السلجوقى «طغرل بك» يعمل على توطيد ملك «السلاجقة» بالعراق. 

 بين طغرل بك والخليفة القائم بأمر الله: كان «طغرل بك» حريصًا على إبداء كل مظاهر الإجلال والتوقير للخليفة، وقد اقتدى به خلفاؤه؛ فعاملوا الخلفاء العباسيين بكل ما يليق بمكانتهم من احترام وتعظيم. 

 يروى المؤرخون أن «طغرل بك» كان غائبًا عن «بغداد»، فلما عاد إليها سنة (449هـ = 1057م) توجه إلى دار الخلافة، فلما دخل على الخليفة قَبَّل الأرض وجلس على سرير دون سرير الخليفة، فأمره الخليفة أن يتقى الله فيما ولاه وأن يجتهد فى عمارة البلاد وإصلاح العباد ونشر العدل ومنع الظلم، فقام «طغرل بك» وقبَّل الأرض وقال: «أنا خادم أمير المؤمنين وعبده، ومتصرف على أمره ونهيه، ومتشرف بما أهلنى له واستخدمنى فيه، ومن الله أستمد المعونة والتوفيق». 

 وعندما توجه «طغرل بك» لاستخلاص «العراق» من «البساسيرى» كان شديد الحرص على سلامة الخليفة. 

 وقد أراد «طغرل بك» أن يمنح نفسه وأسرته شرفًا فريدًا متميزًا، وأن يضفى على سلطانه السياسى صبغة روحية، فخطب ابنة الخليفة «القائم بأمر الله» سنة (453هـ = 1061م)، فانزعج الخليفة لذلك رغم زواجه من «أرسلان خاتون» (واسمها خديجة) ابنة الأمير «داود» أخى السلطان «طغرل بك» سنة (448هـ = 1056م)، فلم يحدث أن تزوج أحد من خارج البيت العباسى منه، وحاول الخليفة «القائم» رفض هذا الزواج، ودافع بكل ما يمكنه فى سبيل ذلك، ولكنه اضطر إلى الخضوع لضغوط وزير «طغرل بك» «عميد الملك الكُنْدُرى»؛ فتم العقد لطغرل على ابنة الخليفة سنة (454هـ = 1062م) ودخل بها سنة (455هـ= 1063م). 

 الوزير عميد الملك الكندرى ومكانته فى دولة طغرل بك: أثناء حكم «طغرل بك» فى «نيسابور» طلب رجلاً متمكنًا من اللغة العربية يكتب له، فدلوه على «عميد الملك الكندرى» (أبى نصر محمد بن منصور بن محمد) فلما دخل «طغرل» «بغداد» سنة (447هـ = 1055م) عينه وزيرًا له، فكان ساعده الأيمن حتى وفاة «طغرل» سنة (455هـ = 1063م). 

 ويعتبر «عميد الملك» أحد العوامل المهمة فى ازدهار دولة «طغرل بك» بفضل ما كان يتمتع به من حنكة وكفاءة، كما كان سببًا مكَّن «طغرل بك» من السيطرة على «العراق» ودار الخلافة، وإدخال الخليفة «القائم» ووزرائه وحاشيته فى طاعة «السلاجقة» دون إراقة دماء، لما تمتع به «عميد الملك» من نفاذ بصيرته فى الأمور، وبُعد نظره، وحسن سياسته، إلى جانب رسوخ قدمه فى العلم والأدب. 

 واقترن اسم الوزير عميد الملك باسم «طغرل بك» وأصبح لا يذكر أحدهما دون أن يذكر الآخر. 

 وفاة طغرل بك وتولى ألب أرسلان

 كان «طغرل بك» من كبار الشخصيات فى التاريخ، اتصف بالشجاعة والإقدام، والعقل والحلم، وكان من أشد الناس احتمالاً وأكثرهم كتمانًا لسره، كريمًا، محافظًا على الصلوات الخمس، ويصوم يومى الإثنين والخميس. 

 ورغم أن بعض المؤرخين وصفه بالظلم والقسوة، فإن ذلك لا يتفق مع صفاته السابقة التى سجلها له معظم المؤرخين. 

 وقد أوصى «طغرل بك» بأن يخلفه بعد موته ابن أخيه «سليمان بن داود جغرى»؛ حيث إنه لم يخلف ولدًا، وفى (8 من رمضان سنة 455هـ = سبتمبر سنة 1063م) توفى «طغرل بك» بمدينة «الرى» ببلاد «الجبل»، وعمره نحو سبعين عامًا، وقد نفذ «عميد الملك الكندرى» وصية «طغرل بك»، ولكن الناس كانوا أميل إلى «ألب أرسلان»، فأمر «عميد الملك» بالخطبة له وتم الأمر له بمساعدة وزيره «نظام الملك»، وأصبح سلطانَ «السلاجقة». 

 قتل عميد الملك الكندرى ووزارة نظام الملك: عقب تولِّى «ألب أرسلان» سلطنة «السلاجقة»، أقر «عميد الملك الكندرى» وزير عمه «طغرل» فى منصبه، ولكنه سرعان ما تغير عليه فعزله فى شهر (المحرم سنة 456هـ = ديسمبر سنة 1063م)، وسجنه، ثم دبر قتله فى شهر (ذى الحجة سنة 456هـ = نوفمبر سنة 1064م)، ويبدو أن «نظام الملك» لعب دورًا فى ذلك.

وبعد عزل «عميد الملك»، عين «ألب أرسلان» «نظام الملك» وزيرًا له، وكان وزيره أثناء إمارته على «خراسان» قبل توليه السلطنة، ويُعدُّ «نظام الملك» أشهر وزراء «السلاجقة» كما يعد من أشهر الوزراء فى التاريخ الإسلامى. 

 وكانت بداية معرفة «نظام الملك» بالسلاجقة حينما اتصل بداود بن ميكائيل بن سلجوق، والد السلطان «ألب أرسلان»، وأعجب بكفاءته وإخلاصه فسلمه إلى ابنه «ألب أرسلان» وقال له: «اتخذه والدًا ولا تخالفه فيما يشير به». 

 وقد ظل «نظام الملك» وزيرًا للسلطان «ألب أرسلان» ثم لخليفته «ملكشاه» ما يقرب من ثلاثين عامًا. 

 ولم يكن «نظام الملك» مجرد وزير لامع، بل كان راعيًا للعلم والأدب محبا لهما، وقد سمع الحديث وقرأه، وكان مجلسه عامرًا بالعلماء والفقهاء والصوفية، مثل إمام الحرمين «أبى المعالى الجوينى» و «أبى القاسم القشيرى»، كما اهتم «نظام الملك» ببناء المدارس ووضع أسس قيام نهضة تعليمية رائعة. 

 اتساع مملكة السلاجقة خلال حكم ألب أرسلان (455 - 465هـ = 1063 - 1073م)

 استطاع «ألب أرسلان» أن يوسع حدود مملكة «السلاجقة» التى ورثها عن عمه «طغرل»، وأن يسجل انتصارات رائعة ضد أعدائه فى الداخل والخارج، فنجح فى القضاء على حركات العصيان فى «خراسان» و «ما وراء النهر» و «أذربيجان»، وتمكن من تعزيز الوجود الإسلامى فى «أرمينيا»، واستولى على «حلب» وقضى على النفوذ الفاطمى بها. 

 معركة ملاذكرد

 عزم الإمبراطور البيزنطى «رومانوس الرابع» على طرد «السلاجقة» من «أرمينيا» وضمها إلى النفوذ البيزنطى، فأعد جيشًا كبيرًا سنة (463هـ = 1071م) يتكون من مائتى ألف مقاتل، وتولَّى قيادته بنفسه، وزحف به إلى «أرمينيا»، وعندما علم السلطان «ألب أرسلان» بذلك وهو بأذربيجان لم يستطع أن يجمع من المقاتلين إلا خمسة عشر ألف فارس، فتقدم بهم إلى لقاء الإمبراطور البيزنطى وجحافله، والتقت مقدمة جيش السلطان بمقدمة جيش «رومانوس» فى «أرمينيا» فهزمتها. 

 وقد أراد السلطان «ألب أرسلان» استغلال هذا النصر المبدئى فأرسل إلى الإمبراطور «رومانوس» يعرض عليه الصلح، إدراكًا منه لحرج موقفه بسبب قلة جنده، فرفض «رومانوس» الصلح وهدد السلطان بالهزيمة والاستيلاء على ملكه، وقد ألهب هذا التهديد حماس السلطان وجيشه وعزموا على إحراز النصر أو الشهادة، ووقف فقيه السلطان وإمامه «أبو نصر محمد بن عبدالملك البخارى» يقول للسلطان: «إنك تقاتل عن دين وعد الله بنصره وإظهاره على سائر الأديان، وأرجو أن يكون الله - تعالى - قد كتب باسمك هذا الفتح، فالْقَهُم يوم الجمعة بعد الزوال، فى الساعة التى تكون الخطباء على المنابر، فإنهم يدعون للمجاهدين بالنصر، والدعاء مقرون بالإجابة». 

 فلما جاءت هذه الساعة صلى بهم، وبكى السطان فبكى الناس لبكائه ودعا ودعوا معه، ولبس البياض وتحنَّط وقال: إن قُتِلْتُ فهذا كفنى!. 

 والتقى جيش السلطان وجيش الإمبراطور فى مدينة «ملاذكرد» بأرمينيا، وحمل المسلمون على الروم حملة رجل واحد، وأنزل الله نصره عليهم فانهزم الروم وامتلأت الأرض بجثثهم، وتمكن المسلمون من أسر إمبراطور الروم «رومانوس»، فأحسن السلطان «ألب أرسلان» معاملته، وأعفاه من القتل مقابل فدية مقدارها مليون ونصف مليون دينار، وعقد معه صلحًا مدته خمسون عامًا، وأطلق سراحه وأرسل معه جندًا أوصلوه إلى بلاده ومعهم راية مكتوب عليها «لا إله إلا الله محمد رسول الله». 

 وقد أنهت معركة «ملاذكرد» النفوذ البيزنطى فى «أرمينيا» بصورة مطلقة، وفتحت المجال لامتداد النفوذ الإسلامى السلجوقى إلى «آسيا الصغرى»، وتهديده العاصمة البيزنطية وما وراءها فى «أوربا». 

 وقد حدثت هذه المعركة المظفرة - معركة «ملاذكرد» - فى شهر (ذى القعدة سنة 463هـ = أغسطس 1071م). 

 ولا يستطيع الباحثون عن جذور الحروب الصليبية التى حدثت فيما بعد أن يتجاهلوا دور هذه المعركة (ملاذكرد) فى تهيئة الظروف التى أدت إلى هذه الحروب. 

 مقتل ألب أرسلان وانتقال السلطة إلى ابنه ملكشاه: فى أوائل عام (465هـ = 1073م) توجه «ألب أرسلان» إلى بلاد «ما وراء النهر» لتأديب أمير «بخارى» الثائر «شمس الملك نصر»، وبينما هو فى طريقه جاءوا إليه بأمير إحدى القلاع، واسمه «يوسف الخوارزمى» مقيدًا بسبب عصيانه، وأغلظ «يوسف» القول للسلطان، فطلب «ألب أرسلان» فك قيوده ليقتله بنفسه، ولكن «يوسف» كان أسرع من السلطان فطعنه بخنجر كان معه، فمات السلطان «ألب أرسلان» بعد أيام متأثرًا بجراحه فى (10 من ربيع الأول سنة 465هـ = أواخر نوفمبر سنة 1072م)، وعمره أربعون أو خمس وأربعون سنة. 

 وقد كان «ألب أرسلان» - بإجماع المؤرخين - من عظماء سلاطين «السلاجقة»، وكان قائدًا عسكريا من الطراز الأول، وسياسيا محنكًا وحاكمًا عادلاً، فلم يتجاوز فى جمع الأموال من الرعية، وكان كثير الصدقات خاصة فى رمضان، بارا بأهله وأصحابه ومماليكه، شهمًا ذا مروءة، ولم يكن يسمح للدسائس أن تعرف طريقها إليه، فقد حاول أحد الوشاة مرة أن يفسد ما بينه وبين وزيره «نظام الملك»، فكتب له كتابًا يبين


له فيه ما يرتكبه الوزير من مخالفات، وتركه له على مُصلاه فعندما أخذه «ألب أرسلان» وقرأ ما فيه، سلَّمه إلى «نظام الملك» وقال له: خذ هذا الكتاب، فإن صدقوا فى الذى كتبوه، فهذب أخلاقك، وأصلح أحوالك، وإن كذبوا فاغفر لهم زلتهم واشغلهم بمهم يشتغلون به عن السعاية بالناس. 

 وعقب وفاة «ألب أرسلان» تولى السلطنة ابنه «ملكشاه» بعهد من أبيه، وتولى «نظام الملك» أخذ البيعة له، وأقره الخليفة «القائم بأمر الله» على السلطنة. 

 استمرار نظام الملك فى الوزارة واتساع نفوذه فى عهد ملكشاه: لم يكتفِ «ملكشاه» بإقرار «نظام الملك» فى الوزارة كما كان فى عهد أبيه، بل زاد على ذلك بأن فوض إليه تدبير المملكة، وقال له: «قد رددت الأمور كلها كبيرها وصغيرها إليك، فأنت الوالد»، ولقبه ألقابًا كثيرة، أشهرها لقب «أتابك»، ومعناه الأمير الوالد، وكان «نظام الملك» أول مَن أُطلق عليه هذا اللقب. 

 وسبب هذه المكانة الرفيعة التى حظى بها «نظام الملك» عند السلطان «ملكشاه»، أنه هو الذى مهد له الأمور، وقمع المعارضين، فرآه السلطان أهلاً لهذه المكانة. 

 وفاة الخليفة القائم بأمر الله، وبيعة المقتدى بأمر الله: تُوفِّى الخليفة «القائم بأمر الله» فى (13 من شعبان سنة 467هـ = 3 من أبريل سنة 1075م) فى أوائل سلطنة «ملكشاه»، وعمره يزيد على ستةٍ وسبعين عامًا، وقد استمر فى الخلافة نحو خمسٍ وأربعين سنة. 

 وقد شهدت خلافة «القائم بأمر الله» تدهور «دولة البويهيين» واندثارها، وقيام «دولة السلاجقة» ثم ازدهارها. 

 وقد أجمع المؤرخون على أن «القائم بأمر الله» كان يتحلى بالأخلاق الحميدة، فقد كان ورعًا ديِّنًا زاهدًا عالمًا، قوى اليقين بالله تعالى، كثير الصبر، مؤثرًا للعدل والإنصاف، قاضيًا لحوائج الناس. 

 وقد كان للقائم بأمر الله ابن وحيد، تُوفِّى فى حياته، هو «أبو العباس محمد» الملقب بالذخيرة وقد ولد للذخيرة بعد وفاته بستة أشهر غلام، اشتد به فرح جده «القائم» وسماه «عبدالله». 

 وعندما تُوفِّى «القائم» كان «عبدالله» هذا فى العشرين من عمره فتولى الخلافة بعد جده فى (13 من شعبان سنة 467هـ = 3 من أبريل 1075م)، ولقب بالمقتدى بأمر الله. 

 الخلفاء العباسيون فى العهد السلجوقى 

كان «المقتدى بأمر الله»، أول خليفة يتقلد منصبه فى ظل «دولة السلاجقة»، وبذلك يكون الخلفاء الذين تولوا الخلافة فى العهد السلجوقى - بعد «القائم بأمر الله» - ثمانية هم: 

 1 - المقتدى بأمر الله (عبدالله بن محمد بن القائم بأمر اللهـ) [467 - 487هـ = 1075 - 1094م]. 

 2 - المستظهر بالله (أبو العباس أحمد بن المقتدى بأمر اللهـ) [487 - 512هـ = 1094 - 1118م]. 

 3 - المسترشد بالله (أبو منصور الفضل بن المستظهر) [512 - 529هـ = 1118 - 1135م]. 

 4 - الراشد بالله (أبوجعفر المنصور بن المسترشد) [529 - 530هـ = 1135 - 1136م]. 

 5 - المقتفى لأمر الله (أبوعبدالله بن محمد بن المستظهر باللهـ) [532 - 555هـ = 1138 - 1160م]. 

 6 - المستنجد بالله (أبوالمظفر يوسف بن المقتفى) [555 - 566هـ = 1160 - 1170م]. 

 7 - المستضىء بأمر الله (أبو محمد الحسن بن المستنجد باللهـ) [566 - 575هـ = 1170 - 1179م]. 

 8 - الناصر لدين الله (أبو العباس أحمد بن المستضىء بأمر اللهـ) [575 - 622هـ = 1179 - 1225م]. 

 وقد شهدت خلافة «الناصر لدين الله» زوال ملك «السلاجقة» فى سنة (590هـ = 1194م) وبداية استقلال الخلفاء العباسيين بالسلطة فى «بغداد» وما يحيط بها. 

 ذروة المجد السلجوقى: بلغت «الدولة السلجوقية» ذروة مجدها وعظمتها على يد «ملكشاه» الذى استمر فى السلطنة عشرين عامًا تقريبًا؛ حيث استطاع أن يستثمر ما حققه «طغرل بك» و «ألب أرسلان» على أحسن وجه، فحقق إنجازات عظيمة بمعاونة وزيره «نظام الملك». 

 وقد تزامنت سلطنة «ملكشاه» -فى معظمها- مع خلافة «المقتدى بأمر الله»، الذى تولى منصبه بعد ابتداء حكم «ملكشاه» بعامين، وتُوفِّى بعد وفاته بعامين. 

 وقد اتسعت حدود «الدولة السلجوقية» فى عهد «ملكشاه» اتساعًا غير مسبوق، من حدود الصين إلى آخر «الشام»، ومن أقاصى بلاد الإسلام فى الشمال إلى آخر بلاد «اليمن»، وحمل إليه ملوك الروم الجزية. 

 وترجع عظمة «الدولة السلجوقية» فى عهد «ملكشاه» إلى اتساع حدودها وازدهار الحركة الثقافية فيها بصورة جديرة بالإعجاب. 

 وكان لنظام الملك أثر متميز وجهد خلاق فى ذلك، على المستوى الإدارى والعسكرى، والثقافى. 

 فاهتم بإنشاء العديد من المدارس التى نسبت إليه فى أنحاء الدولة، فسميت بالمدارس النظامية، وكان أشهرها: «نظامية بغداد» التى تخيَّر «نظام الملك» مشاهير الفكر والثقافة فى العالم الإسلامى للتدريس فيها مثل: «حجة الإسلام أبى حامد الغزالى» صاحب كتاب «إحياء علوم الدين»، الذى فوض إليه «نظام الملك» مهمة التدريس فى «المدرسة النظامية» ببغداد، ثم فى «المدرسة النظامية» بنيسابور، التى كان إمام الحرمين أبو المعالى الجوينى يقوم بالتدريس فيها.

وقد أسهمت هذه المدارس النظامية فى تثبيت قواعد المذهب السنى والدفاع عنه ضد مختلف البدع والأهواء والمذاهب المنحرفة التى انتشرت فى ذلك الوقت. 

 وقد كان «نظام الملك» مؤلفًا مرموقًا أيضًا، فهو مؤلف كتاب «سياسة نامه» الذى تحدث فيه عن كيفية تدبير شئون الملك، وفضح معتقدات الحشاشين وغيرهم من الخارجين عن الدين. 

 مقتل نظام الملك ووفاة ملكشاه

 قتل «نظام الملك» فى (10 من رمضان سنة 485هـ = 14من أكتوبر سنة 1092م)، حين تقدم إليه أحد غلمان الباطنية (أو الحشاشين) وهو فى ركب السلطان فى صورة سائل أو مستغيث، فلما اقترب منه أخرج سكينًا كان يخفيها فى طيات ملابسه فطعنه بها طعنات قاتلة. 

 وقد اختلف المؤرخون فى بيان السبب الذى أدى إلى مقتل «نظام الملك»، فقيل إن نفوذ «نظام الملك» وأولاده وشيعته تفاقم بصورة مثلت خطرًا على السلطان «ملكشاه» فدبر قتله، وقيل إن السبب فى ذلك حربه الدائمة ضد المذاهب الهدامة وعلى رأسها مذهب الباطنية أو الحشاشين. 

 وعقب مقتل «نظام الملك» عين «ملكشاه» «تاج الملك أبا الغنائم الشيرازى» وزيرًا، وكان صاحب خزانة السلطان ومعروفًا بحقده على «نظام الملك». 

 وقد تُوفِّى «ملكشاه» بعد وفاة «نظام الملك» بخمسة وثلاثين يومًا فى (15 من شوال سنة 485هـ = 18 من نوفمبرسنة 1092م)، فانطوت صفحة من أكثر صفحات التاريخ السلجوقى تألقًا وعظمة. 

 فقد كان السلطان «ملكشاه» أعظم سلاطين «السلاجقة» وأحسنهم سيرة، وأعدلهم حكمًا، منصورًا فى حروبه، جوادًا يحب الإنفاق فى وجوه الخير، لا يبخل بمال على ما ينفع العلم والدين، ومما يروى فى ذلك أن أحد كبار حاشيته - وهو «تاج الملك» - أراد أن يفسد العلاقة بينه وبين «نظام الملك»، فذكر له أن الوزير ينفق فى كل سنة على أصحاب المدارس والفقهاء والعلماء ثلاثمائة ألف دينار، ولو جهز بهذا المبلغ جيشًا لبلغ باب «القسطنطينية»! فطلب السلطان «ملكشاه» حضور «نظام الملك» وسأله عن حقيقة الأمر فقال له: قد أعطاك الله - تعالى - وأعطانى بك ما لم يعطه أحدًا من خلقه، أفلا نعوضه عن ذلك فى حَمَلَةِ دينه وحَفَظَةِ كتابه ثلاثمائة ألف دينار؟! ثم إنك تنفق على الجيوش المحاربة فى كل سنة أضعاف هذا المال مع أن أقواهم وأرماهم لا تبلغ رميته ميلاً، ولا يضرب بسيفه إلا ما قرب منه، وأنا أُجيش لك بهذا المال جيشًا تصل من الدعاء سهامه إلى العرش لا يحجبها شىء عن الله تعالى!! فبكى السلطان وقال: «يا أبت استكثر من الجيش، والأموالُ مبذولة لك، والدنيا بين يديك». 

 تدهور أوضاع السلاجقة بعد وفاة ملكشاه: بدأت مظاهر الضعف تنتشر فى جسم «الدولة السلجوقية» عقب وفاة «ملكشاه»، فظهر الانقسام والتمزق والفتن، باستثناء فترة حكم السلطان «معز الدين سنجر أحمد»؛ حيث شهدت الدولة قوة وصحوة مؤقتة. 

 ويوجد عدد من النقاط الأساسية التى لا يمكن إغفالها عند تناول تاريخ الفترة التى شهدت تدهور أوضاع «السلاجقة»، وهى

 فروع السلاجقة

 يتفرع «السلاجقة» إلى خمسة فروع رئيسية هى: (أ) السلاجقة العظام: وهم ستة: «طغرل بك»، و «ألب أرسلان»، و «ملكشاه»، و «ركن الدين أبو المظفر بَرْكيَارُق» (485 - 498هـ = 1092 - 1105م) و «غياث الدين أبو شجاع محمد» (498 - 511هـ = 1105 - 1117م)، و «معز الدين سنجر أحمد» (511 - 552هـ = 1117 - 1157م). 

 ورغم أن مصطلح «السلاجقة العظام» يطلق على هؤلاء الستة، إلا أن الجديرين حقا بهذا الوصف هم الثلاثة الأُوَل، أما الآخرون فقد خاضوا كثيرًا من الحروب ضد أبناء بيتهم وعانت الدولة فى عهدهم من عوامل الفرقة والتمزق. 

 (ب) سلاجقة العراق: ويطلق هذا المصطلح على أمراء «السلاجقة» الذين سيطروا على «العراق» و «الرى» و «همدان» و «كردستان»، وكان امتداد نفوذهم فى هذه المناطق على حساب «السلاجقة العظام»، واستمر نفوذهم من سنة (511هـ= 1117م) إلى سنة (590هـ= 1194م)، حين تمكن الخوارزميون من القضاء على «طغرل الثالث» آخر سلاطينهم. 

 (ج) سلاجقة كرمان: وقد بدأ نفوذهم فى الجنوب الشرقى لفارس وفى بعض مناطق الوسط سنة (433هـ = 1042م)، قبل دخول «طغرل بك» «بغداد»، واستمر حتى سنة (583هـ = 1187م)، حين قضى التركمان الغز (41) على سلطتهم هناك. 

 (د) سلاجقة الشام: وكان نفوذهم فى المناطق التى استولى عليها «السلاجقة» من الفاطميين أو الروم فى «الجزيرة» و «الشام»، وقد بدأ نفوذهم فى هذه المناطق سنة (487هـ = 1094م) وانتهى سنة (511هـ=1117م) على يد أتابكة «الشام» و «الجزيرة». 

 (هـ) سلاجقة الروم: وكان نفوذهم فى الأراضى التى استطاع «السلاجقة» الاستيلاء عليها من الروم فى «آسيا الصغرى»، وكانت إمارتهم أطول إمارات «السلاجقة» عمرًا؛ حيث بدأت سنة (470هـ = 1077م) واستمرت حتى سنة (700هـ = 1301م) حين استطاع الأتراك العثمانيون القضاء عليها.

 الحروب الصليبية والسلاجقة

 كان اتساع نفوذ «السلاجقة» وتهديده للإمبراطورية البيزنطية و «أوربا»، خاصة بعد معركة «ملاذكرد»، سببًا فى قيام الحروب الصليبية. 

 فقد عقد البابا «إربان الثانى» مجمع «كليرمونت» فى (18 من نوفمبر سنة 1095م = 28 ذى القعدة سنة 488هـ)، وألقى فيه خطابًا طالب فيه المسيحيين فى «أوربا» بالقيام بحرب دينية (صليبية) تهدف إلى مساعدة إخوانهم المسيحيين فى الشرق، وتخليص الأماكن المسيحية من قبضة المسلمين، وطرد «السلاجقة» من «آسيا الصغرى». 

 وكان من الطبيعى أن يقوم «السلاجقة» بالتصدى لتلك الحروب وحماية العالم الإسلامى من أخطارها، ولكن ذلك لم يحدث بسبب تمزق دولتهم بعد وفاة «ملكشاه»، واشتعال الصراع فيما بينهم للسيطرة على «الشام»؛ مما أدى إلى اضطراب الأمور وإتاحة الفرصة لنجاح الحملة الصليبية الأولى (1096 - 1099م = 489 - 491هـ). 

 فقد اكتسح الصليبيون قوات «سلاجقة» الروم فى «آسيا الصغرى» بقيادة الحاكم السلجوقى «قلج أرسلان»، ثم تقدموا فى اتجاه مدينة «الرهابين»: «الموصل» و «الشام»، فاستولوا عليها وتوجَّهوا إلى «أنطاكية» فحاصروها حتى استسلمت وفر أميرها السلجوقى «باغى سيان»، وساروا بعد ذلك إلى «معرة النعمان» التى ينتسب إليها الشاعر المشهور «أبو العلاء المعرى»، فحاصروها حتى استسلم أهلها فقتلوا منهم ما يزيد على مائة ألف، ثم جاء فتح الصليبيين الأكبر بالاستيلاء على «بيت المقدس» فى (رمضان سنة 492هـ = يوليو سنة1099م) بعد محاصرته عدة أسابيع، وارتكب فيه الصليبيون مذبحةً تقشعر لها الأبدان؛ حيث قتلوا ما يزيد على سبعين ألفًا منهم جماعة كثيرة من أئمة المسلمين وعلمائهم وعُبَّادهم وزهَّادهم، الذين كانوا يتعبدون بجوار «بيت المقدس». 

 وقد وقف «السلاجقة» عاجزين أمام طوفان الصليبيين، فقد كانت أوضاع دولتهم تنتقل من سيئ إلى أسوأ، وكانت الخلافة العباسية جسمًا بلا روح، ولم يكن وضع الفاطميين فى «مصر» يتيح لهم مواجهة الصليبيين. 

 وظل الأمر كذلك حتى ولى السلطان «محمود بن محمد بن ملكشاه» «عماد الدين زنكى» إمارة «الموصل» والبلاد التابعة لها، فكان ذلك فاتحة خير للمسلمين؛ حيث استطاع «عماد الدين زنكى» مد نفوذه إلى «الجزيرة» و «الشام»، فاستولى على «حلب» سنة (522هـ = 1128م)، وعلى «حماة» سنة (523هـ = 1129م)، ونذر نفسه للجهاد المقدس ضد الصليبيين، وكان أعظم إنجاز حققه «زنكى» فى هذا المجال استرداده مدينة «الرها» من الصليبيين فى (جمادى الآخرة سنة 539هـ = ديسمبر سنة 1144م). 

 وقد أعد «عماد الدين زنكى» أبناءه الثلاثة «نور الدين محمود»، و «سيف الدين غازى»، «وقطب الدين مودود» لمواصلة الجهاد المقدس ضد الصليبيين. 

 فاستطاع «نور الدين محمود» الذى خلف أباه على حكم «سوريا» سنة (541هـ = 1146م) أن يؤمن فتوحات والده فى «الرها»، وأن ينزل هزيمة ساحقة بحاكم «الرها» الصليبى «جوسلين»، وتمكن من أسره سنة (546هـ = 1151م) كما حقق فتوحات عظيمة فى إمارة «أنطاكية» وقتل أميرها «ريموند» فى (ربيع الأول سنة544 هـ = يوليو سنة 1149م). 

 ويرجع إلى «نور الدين محمود» الفضل فى استمرار حركة الجهاد الإسلامى ضد الصليبيين ووصولها إلى ذروتها على يد السلطان «صلاح الدين الأيوبى» الذى تربى فى خدمة «نور الدين محمود»، وتشرَّب على يديه حب الجهاد دفاعًا عن الإسلام، واستطاع أن يفتح «مصر» فى حياة «نور الدين» لتنضم إلى «الشام» وتتم عملية تطويق الصليبيين. 

 وعقب وفاة «نور الدين محمود» فى (شوال سنة 569هـ = إبريل سنة1174م) أصبح «صلاح الدين الأيوبى» سلطان «مصر» و «الشام»، واستطاع أن يحقق أروع انتصار فى تاريخ الجهاد الإسلامى ضد الصليبيين فى معركة «حِطِّين» سنة (583هـ = 1187م)؛ حيث استرد المسلمون «بيت المقدس». 

  الباطنية والسلاجقة

 «الباطنية» فرقة تجعل الباطن أساسًا لفهم أمور الدين ولا تعتمد على الظاهر، وتلجأ إلى تأويل النصوص وتضم هذه الفرقة «القرامطة»، و «الخُرَّمية»، و «الإسماعيلية»، و «الحشاشين». 

 وقد ظهرت «حركة الباطنية» فى العصر السلجوقى بصورة أقلقت سلاطين «السلاجقة»، واستنفذت الكثير من جهودهم، فقد استطاع زعيمهم «الحسن بن الصباح» الاستيلاء على عدة قلاع حصينة فى «فارس»، أشهرها قلعة «أَلَموت» بنواحى «قزوين»، التى ظلت معقل «الحركة الباطنية» لما يقرب من قرنين من الزمان. 

 وقد حاول «نظام الملك» أن يضع حدا لنفوذ «الباطنية» وأمر بمطاردتهم فى كل مكان، وأرسل جيشًا للاستيلاء على «ألموت» ولكنه قتل فى (رمضان سنة 485هـ = أكتوبر سنة 1092م)، ورجح المؤرخون قيام «الباطنية» بقتله. 

 وقد قام «السلاجقة» بمحاولات متتالية لتصفية قواعد «الباطنية» ومحاصرة نشاطهم، نجح بعضها، وواجه بع

وكان السلطان «ملكشاه» أول سلاطين «السلاجقة» الذين حاولوا مواجهة خطر «الباطنية»، فأرسل إليهم جيشًا بقيادة «أرسلان طاسن»، ولكنه هزم هزيمة منكرة. 

 وتعتبر الجهود التى قام بها السلطان «غياث الدين محمد بن ملكشاه» ضد «الباطنية» أخطر ما واجهته هذه الحركة فى عهد «السلاجقة»، ففى سنة (500هـ= 1107م) توجه السلطان «محمود» بنفسه إلى «أصبهان» لحرب «الباطنية» الذين كانوا يعتصمون بقلعة «شاهْدَز» المنيعة بزعامة «أحمد بن عبدالملك بن عطاش»، وقد نجح السلطان «محمد» فى الاستيلاء على هذه القلعة وقتل زعيمها «ابن عطاش» وكثيرًا من «الباطنية» فى (ذى القعدة سنة 500هـ = يونيوسنة 1107 م). 

 وفى عهد السلطان «معز الدين سنجر» (511 - 552هـ = 1117 - 1157م) قتل «الباطنية» وزيره «معين الملك أبا نصر أحمد بن الفضل» سنة (521هـ = 1127م)، وأدرك السلطان مدى خطورتهم، فاتبع معهم سياسة المهادنة. 

 ورغم وفاة زعيم «الباطنية» «الحسن بن الصباح» سنة (518هـ= 1124م) فإن «السلاجقة» لم يستطيعوا استرداد قلعة «ألموت» منهم، فظلت تحت سيطرتهم حتى استولى عليها المغول سنة (654هـ= 1256م)، ولم ينحصر نشاط «الإسماعيلية الباطنية» فى عهد «السلاجقة» فى بلاد «فارس»، بل امتد إلى «الشام»، وكانت له آثاره المدمرة، واتسع نشاطهم فى «حلب» فى عهد أميرها السلجوقى «رضوان بن تُتُش بن ألب أرسلان» (488 - 507 هـ = 1095 - 1113م)، وحينما تصدى لهم أمير دمشق» «تاج الملوك بورى بن طغتكين» سنة (523هـ = 1129م)، وقتل منهم آلافًا تربصوا به وهاجموه سنة (525هـ = 1131م) وجرحوه جراحات خطيرة، تُوفِّى متأثرًا بها فى العام التالى. 

 وكان من أخطر محاولات «الباطنية» لاغتيال خصومهم محاولتهم اغتيال السلطان «صلاح الدين الأيوبى» أكثر من مرة فاشلة. 

 وقد أثرت المتاعب التى أثارها «الباطنية» فى وجه «السلاجقة» فى قدرتهم على القيام بدور أكثر إيجابية فى التعامل مع الصليبيين. 

 وقد ارتبط اسم «الحشاشين» بالباطنية الإسماعيلية فى الفترة التى أعقبت استيلاءهم على قلعة «ألموت» سنة (483هـ = 1090م) فى أواخر عهد السلطان «ملكشاه»، وحتى سقوط معاقلهم فى «فارس» و «الشام» على يد المغول، وسبب ذلك أنهم كانوا يطلبون من الذين يتم تكليفهم بالقيام بعمليات الاغتيال تعاطى مادة الحشيش المخدرة حتى يصبحوا أدوات طيعة فى أيدى من يستخدمونهم لتنفيذ هذه العمليات. 

 سقوط الخلافة الفاطمية ودخول مصر تحت لواء الخلافة العباسية (567هـ = 1171م)

 ظلت «مصر» خاضعة للفاطميين أكثر من قرنين تعاقب خلالها على كرسى الخلافة الفاطمية بمصر أحد عشر خليفة، ابتداءً بالمعز لدين الله وانتهاءً بالعاضد لدين الله، الذى عادت «مصر» فى عهده إلى الخلافة العباسية فى (المحرم سنة 567هـ = سبتمبر 1171م)، فبعد وفاة الخليفة الفاطمى «الفائز بنصر الله» فى رجب سنة (555هـ) تولى «العاضد بالله»، آخر خلفاء الفاطميين، عرش «مصر»، وكان صبيا لم يبلغ الحلُم، فأشرف وزيره «طلائع بن رُزِّيك» الأرمنى على تدبير شئون البلاد، حتى قتل فى (رجب سنة 556هـ = يونيو سنة1161م) بتدبير من حاشية «العاضد» - فتولى الوزارة بعده ابنه «رُزِّيك بن طلائع»، الذى قتل أيضًا فى سنة (558هـ = 1163م)، على يد أحد منافسيه وهو «شاور بن مجير السعدى» الذى تولى الوزارة بعده. 

 كان «شاور» انتهازيا سيئ الطبع، خبيثًا سفاكًا للدماء، أساء معاملة الرعية، فثار عليه أحد القادة المشهورين فى «مصر» وهو «ضِرْغام بن عامر»، واستطاع هزيمته هزيمة ساحقة وكان ذلك بداية الطريق لانتهاء النفوذ الفاطمى فى «مصر». 

 لجأ «شاور» بعد هزيمته إلى السلطان «نور الدين محمود» بالشام، وأطمعه فى ملك «مصر»، فأرسلَ معه حملة للاستيلاء على «مصر» بقيادة «أسد الدين شيركوه بن شاوى الكردى» عم «صلاح الدين الأيوبى»، فدخل «القاهرة» فى أواخر (جمادى الآخرة سنة 559هـ = مايو سنة 1164م)، وقتل «ضرغام»، وأعاد «شاور» للوزارة فى (رجب سنة 559هـ = مايو سنة 1164م)، إلا أن «شاور» غدر بعهده مع السلطان «نور الدين محمود» وقائده «أسد الدين»، فطلب من «أسد الدين» العودة إلى «الشام» فرفض واتجه إلى مدينة «بلبيس»، واستولى عليها وتحصن بها. 

 استعان «شاور» بملك «بيت المقدس» الصليبى «أملريك» الذى تسميه المصادر العربية «مُرِّى»، وشرح له ما قد يتعرض له الفرنج من مخاطر إذا استولى السلطان «نور الدين محمود» على «مصر»، فاستجاب له «أملريك» وتقدم بجيشه نحو «مصر»؛ حيث اتجه مع «شاور» إلى «بلبيس» لمحاصرة «أسد الدين شيركوه»، إلا أن الأخبار جاءت إلى «أملريك» بأن «نور الدين محمود» انتهز فرصة غيابه عن «فلسطين» فهاجمها واستولى على بعض قلاعها، فاضطر «أملريك» إلى رفع الحصار عن «أسد الدين شيركوه» والتفاوض معه على العودة إلى «الشام»، فتوجه «أسد الدين» إلى «الشام» فى (ذى الحجة سنة 559هـ = أكتوبر 1164م).

وفى (ربيع الآخر سنة 562هـ= فبراير سنة 1167م) قاد «أسد الدين» حملته الثانية على «مصر»، بعد استئذان السلطان «نور الدين محمود»، فاستنجد «شاور» بالصليبيين وملك «بيت المقدس» «أملريك»، والتقى الطرفان فى مكان يسمى «البابين» بنواحى المنيا بصعيد «مصر» فى (25 جمادى الآخرة سنة 562هـ = إبريل سنة 1167م)، واستطاع «أسد الدين شيركوه» أن يهزم جيش «أملريك» و «شاور» رغم قلة جنده، كما استولى على «الإسكندرية» وأناب عليها ابن أخيه «صلاح الدين»، واستولى على الصعيد. 

 وقد حاول الفرنج انتزاع «الإسكندرية» من «صلاح الدين» فحاصروها عدة أشهر بلا فائدة، فتم الاتفاق بين الفرنج و «أسد الدين» على تسليم «الإسكندرية» لشاور مقابل حصول «أسد الدين» على خمسين ألف دينار وانسحاب الفرنج من «مصر». 

 وتطورت الأحداث فى «مصر» بصورة خطيرة، فقد حاول ملك «بيت المقدس» «أملريك» السيطرة على «مصر» بمعاونة «شاور»، فاستولى على «بلبيس» فى (صفر 564هـ = نوفمبر سنة 1168م) وتوجه إلى «القاهرة» وحاصرها، مما دفع الخليفة الفاطمى «العاضد» إلى أن يستغيث بالسلطان «نور الدين محمود»، الذى أرسل إليه حملة بقيادة «أسد الدين شيركوه» ومعه ابن أخيه «صلاح الدين»، فرفع الفرنج الصليبيون حصارهم عن «القاهرة» وتركوا «مصر» قبل وصول جيش «أسد الدين شيركوه»، فأصبح الطريق ممهدًا أمام «أسد الدين»، ودخل «القاهرة» فى (7 من ربيع الآخر سنة 564هـ = 8 من يناير 1169م)، وقتل «شاور» بإذن من الخليفة «العاضد» فى (17 ربيع الآخر سنة 564هـ = 18 من يناير سنة 1169م) وأصبح «أسد الدين شيركوه» وزيرًا للخليفة «العاضد»، وبعد وفاته فى (22 من جمادى الآخرة سنة 564هـ) تولى ابن أخيه «صلاح الدين» الوزارة ولقبه «العاضد» بالملك الناصر، فانتهى نفوذ الفاطميين الفعلى فى «مصر» وأصبحت خلافتهم شكلية فقط. 

 وعقب تولى «صلاح الدين» الوزارة، بدأ يمهد الأمور للقضاء التام على النظام الفاطمى فى «مصر»، فاستقل بالأمور، ومنع الخليفة «العاضد» من التصرف فى شئون البلاد، ثم عزل قضاة «مصر» الشيعة سنة (566هـ = 1171م)، وعين «عبدالملك بن درباس» من كبار فقهاء الشافعية فى منصب «قاضى القضاة»، وأوقف الأذان بحى على خير العمل فى ديار «مصر» كلها، وهى العبارة التى تقحمها الشيعة فى صيغة الأذان المعروفة. 

 وفى (الجمعة الثانية من شهر المحرم سنة 567هـ = سبتمبر سنة 1171م) أمر «صلاح الدين» خطباء «مصر» بقطع الخطبة للعاضد وأن يخطبوا للخليفة العباسى المستضىء، وبذلك سقطت الخلافة الفاطمية فى «مصر»، وخضعت «مصر» مرة ثانية للخلافة العباسية، مما كان له صدى هائل من الفرح والبهجة فى مجتمع أهل السنة فى جميع بقاع العالم الإسلامى. 

 وقد تُوفِّى الخليفة «العاضد» فى (العاشر من المحرم سنة 567هـ = 13 من سبتمبر سنة 1171م) بعد قطع الخطبة له وانتهاء خلافته بأيام قليلة. 

 جدير بالذكر أن «صلاح الدين» كان يحكم «مصر» فى ذلك الوقت نائبًا عن السلطان «نور الدين محمود»، الذى كان خاضعًا للخليفة العباسى ببغداد من الناحية الشكلية، وقد تُوفِّى «نور الدين محمود» فى (11 من شوال سنة 569 هـ = أبريل سنة 1174م)، مما مهد الطريق أمام «صلاح الدين» للاستقلال بحكم «مصر»، وضم ممتلكات «نور الدين» فى «الشام» إلى «مصر»؛ حيث قامت «الدولة الأيوبية» التى كانت تدين بالولاء الرسمى للخلافة العباسية. 

  تطور علاقة السلاجقة بالخلفاء العباسيين

 رغم تعدد روابط المصاهرة بين «السلاجقة» والعباسيين واحترام السلاطين «السلاجقة» لمنصب الخلافة وإذعانهم له فقد حدث نزاع بين الطرفين فى بعض الأوقات، وصل أحيانًا إلى استخدام السيف، فبعد أن بايع الخليفة «المقتدى» ولده «المستظهر بالله» بولاية العهد، اعترض السلطان «ملكشاه» على ذلك وألزم الخليفة بخلعه وتعيين ابنه الأصغر «جعفر» وليا للعهد؛ لأنه كان ابن بنت السلطان. 

 كما أمر السلطان الخليفة بأن يسلم له «بغداد» وأن يخرج إلى «البصرة»، فشق ذلك على الخليفة ولم ينقذه من ذلك إلا وفاة السلطان. 

 وفى عهد الخليفة «المسترشد بالله» (512 - 529هـ = 1118 - 1135م) وابنه «الراشد بالله» (529 - 530 هـ = 1135 - 1136م) تعرضت العلاقة بين «السلاجقة» والخلفاء إلى أزمة خطيرة انتهت بقتل الأول وخلع الثانى. 

  ظهور الدولة الخوارزمية وقضاؤها على السلاجقة

 نشأت «الدولة الخوارزمية» فى ظلال «دولة السلاجقة»، فقد ظهر فى عهد «ملكشاه الأول» مملوك تركى اسمه «أنوشتكين»، تمتع بتقدير خاص فى بلاط «السلاجقة»، وبسبب ما كان يتمتع به هذا المملوك من حسن الخلق والشجاعة، فقد ولاه السلطان «ملكشاه» ولاية «خوارزم». 

 وعندما تُوفِّى «أنوشتكين» سنة (490هـ = 1097م)، تولى ابنه «محمد» إمارة «خوارزم»، وكان يلقب «قطب الدين»، و «خوارزم شاه» أى أمير «خوارزم»، واستمر فى الإمارة ثلاثين عامًا، أسس خلالها «الدولة الخوارزمية»

وعقب وفاة مؤسس «الدولة الخوارزمية» سنة (522هـ = 1128م) خلفه فى منصبه ابنه «أتسز»، بموافقة السلطان «سنجر»، وتلقب بأبى المظفر علاء الدولة، ورغم أن علاقة «أتسز» بسنجر بدأت طيبة كما كانت فى عهد أبيه «محمد»، فإنها لم تلبث أن تدهورت بعد أن أظهر «أتسز» رغبته فى الاستقلال عن «السلاجقة»، مما دعا السلطان «سنجر» إلى مهاجمته وإجباره على الاستسلام، وقد تُوفِّى «أتسز» عام (551هـ = 1156م) قبل وفاة «سنجر» بعام. 

 وقد تميز عهد «أتسز» فى «خوارزم» بازدهار الحركة العلمية والفكرية، وارتبط بهذا العهد اسم عالم من أشهر رجال الفكر الإسلامى هو «جار الله أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشرى الخوارزمى» صاحب الإنتاج الوافر فى علوم التفسير والكلام والنحو واللغة، ومن أشهر مؤلفاته: «الكشاف» فى تفسير القرآن الكريم. 

 وتولى سلطنة «خوارزم» بعد «أتْسِز» ابنه «إيل أرسلان» (تاج الدين أبو الفتح)، الذى استمر فى الحكم من سنة (551 هـ = 1156م) إلى سنة (567هـ = 1172م)، ثم تولَّى بعده ابنه الأصغر «سلطان شاه» الذى دخل فى صراع مع أخيه الأكبر «علاء الدين تَكَشْ» حول السلطة، وانتهى باستيلاء «تَكَشْ» على «خوارزم» سنة (568هـ = 1173م). 

 وتعد فترة حكم «تكش» (568 - 596 هـ = 1173 - 1300م) العصر الذهبى للدولة الخوارزمية، فقد استطاع أن يمد حدود إمارته الصغيرة إلى «الهند» و «الخليج الفارسى» جنوبًا، وإلى «الفرات» و «شمال الفولجا» غربًا. 

 ومما أضفى مزيدًا من الأهمية على حكم «تكش» انتصاره على السلطان السلجوقى «طغرل الثالث» (51) (571 - 590 هـ = 1175 - 1194م)، فى المعركة التى وقعت قرب «الرى» والتى انتهت بقتل السلطان السلجوقى وانهيار «دولة السلاجقة» فى شهر (ربيع الأول سنة 590هـ = مارس 1194م). 

 وقد ترتب على ذلك سيطرة «تكش» على معظم البلاد التى كانت خاضعة لنفوذ سلاجقة «العراق»، وأهمها «همذان» و «أصفهان» و «الرى»، وصارت بلاد «الجبل» أو ما يسمى «العراق العجمى» من أملاك «الدولة الخوارزمية». 

 وقد حاول الخليفة العباسى «الناصر لدين الله» (أبو العباس أحمد بن المستضىء) أن يضع حدا لأطماع «تكش» ونفوذه، وكان ذلك بداية المرحلة الأخيرة فى العصر العباسى الثانى.

الب ارسلان-التاريخ





حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-