معركة بلاط الشهداء 732 -بواتيه
12 -20 أكتوبر – أواخر شعبان وأول رمضان 114 هـ
لم يكتف العرب بالبلاد التي فتحوها في اسبانيا وجنوب فرنسا؛ فإن الرغبة كانت
كبيرة بالتوسع واإلاطباق على أوروبا كلها. رغم قلة الجند، والابتعاد عن معاقلهم في الاندلس
مئات الكيلو مترات، الاأن الوقت لم يكن مناسب للغزو الجديد لفرنسا، كما كان في عهد موسى
بن نصير وطارق بن زياد، حيث قام البربر بحركة تمرد واسعة في شمال أفريقيا، تمخضت
عن فناء جيش ابن حبيس والي صقلية رغم استبساله وحده، وقتل قائد المسلمين، وتنتهي هذه
المعركة التي عرفت بغزوة الا شراف لكثرة ما قتل بها من أشراف العرب وسادتهم، لينتشر
التمرد البربري؛ ليعم سائر أفريقيا وحتى الاندلس.
كان البربر لا يشعرون بأنهم عرب مع أنهم مسلمون، وكان هشام بن عبد الملك يرفض
حتى الاستماع إليهم.
شهد عام 730م تعيين عبد الرحمن الغافقي واليا لأندلس، وقائدا عاما للجيش، وكان من
قبله السمح بن مالك - من كبار قادة الاندلس لكنه استشهد عندما اصطدم بقوات الفرنجة في
ولوز عام 721م، فتراجع المسلمون إلى "سبتمانيا.
معركة بلاط الشهداء أسبابها
1 .التسمية : البلاط في اللغة تعني القصر، والمعركة وقعت بالقرب من قصر مهجور،
وأضيفت كلمة شهداء؛ من كثرة ما وقع في تلك المعركة من قتلى للمسلمين. ويسميها
الاوروبيون معركة تولوز لقربها من مدينة تولوز وأيضا تسمى معركة "بواتيه"؛ لوقوعها
بالقرب من بلدة بواتيه في فرنسا
.
2 .قام عبد الرحمن الغافقي باجتياح مدينة آرال ا لتي امتنعت عن دفع الجزية وخرجت
عن طاعته بعد معركة كبيرة
3 .كان عثمان بن أبي نعسة أو مانوزة واليا مسلما، إلا أنه تزوج من لا0. مبيكى ابنة
"اودى" ديوك "أوف اكويتين" وتحالف مع أبيها، ومع الدولة المسيحية القوطية، لكن عبد
الرحمن انتصر عليه، ومزق جيشه، وأرسل زوجته الجميلة إلى دمشق، فتزوجها أحد أبناء
هشام .
4 .ثار حلفاء عثمان بن أبي نعسة، وأرادوا قتال المسلمين ثأرا لحليفهم.
5 .انتصر عليهم عبد الرحمن الغافقي، وتقدم في مقاطعاتهم.
6 .أراد عبد الرحمن الغافقي الانتقام لهزيمة جيش المسلمين في معركة تولوز.
7 .الرغبة بتحقيق انتصارات مثل طارق بن زياد وموسى بن نصير
8 .أراد شارل مارتل إخضاع الجنوب الفرنسي الذي طالما استعصى عليه.
المعركة
بلغ عدد جيش المسلمين حوالي 70 الف مقاتل، وعدد جيش الفرنجة حوالي 75 الف مقاتل،
. موقع المعركة بين تولوزوبواتيه. استمرت المعركة من 9-10أيام، كانت في البداية
مناوشات؛ ولم يسجل أي طرف االنتصار على الاخر، حتى أن النصر في البداية كان للمسلمين
، وفي اليوم العاشر نشبت معركة كبيرة، وقد لاحظ شارل مارتل حرص
المسلمين الشديد على الغنائم، فأوعز إلى فرقة من جيشه لالنقضاض على الغنائم من خلف
صفوف المسلمين، فارتدت فرقة كبيرة لرد الهجوم المباغت وحماية الغنائم، فاختلت صفوف
جيش المسلمين. كان عبد الرحمن الغافقي قد تخوف من الا نشغال بالغنائم التي تعيق حركةالجيش.
و استشهد القائد عبد الرحمن الغافقي بسهم،
انتهز العدو الفرصة وحملوا عليهم حملة رجل واحد، فتمزق شملهم واختلف
قادة الجند، فاضطروا لالنسحاب سرا في جنح الظالم، ولم يتعقبهم شارل مارتل خوفا من أن
تكون مكيدة.
نتائج المعركة :
1 .خسارة المسلمين وانهزامهم .
2 .انتصار الفرنجة.
3 .مقتل عبد الرحمن الغافقي؛ وهو رجل عادل ومقبول على أهل الاندلس؛ على العرب
والبربر، على الشاميين واليمنيين.
4 .مقتل 1500 من جنود شارل مارتل، وعدد غير معروف من المسلمين
. رغم أن المؤرخين الرهبان يدعون: أن عدد قتلى المسلمين تجاوز36ا,لف مقاتل
بالطبع
هذا الرقم خيالي وغير معقول! لكن من المؤكد أن المسلمين تكبدوا خسائر فادحة .
5 .قام جند شارل مارتل بارتكاب مذابح فظيعة بحق الجرحى المسلمين الذين أثقلتهم
جراحهم، ولم يلتحقوا بالجيش الاسلامي المنسحب
.
أسباب خسارة المسلمين:
1 .البعد بين أرض المعركة ومركز الامدادات الذي يبتعد400 كم من جبال ألبرت
التي تبتعد 900 كم من قرطبة وأي نجدة كانت ستصل بعد أشهر
.
2 .كان شارل مارتل يحارب في عقر داره وبين أهله، مما منحه الثقة بالنفس.
3 .حرص المسلمين على التمسك بالغنائم؛ رغم أنها تعيق حركة الجيش، فكانت أحد
أسباب اضطراب الجيش وتقهقره .
4 .مقتل القائد عبد الرحمن الغافقي؛ مما أضعف معنويات الجيش.
5 .اختار شارل مارتل الزمان والمكان للمعركة .
6 .فشل الجواسيس في تحديد قوة وقدرة جيش الفرنجة.
7 .أنهكت الحروب جيش عبد الرحمن الغافقي .
8 .بالغ العرب في الانتقام والسلب والنهب... حتى أثاروا حفيظة السكان المحليين.
9 .الوقت كان خريفا؛ وموسم مطار يثقل المكان، والمسلمين لايجيدون القتال في
البرد، والحرب بين كثافة الغابات
.
10 .معظم جيش المسلمين من البربر، وكانت هنالك خالفات كبيرة بينهم.
11 .جيش شارل مارتل كان موحدا من الفرسان والرجالة، وكان جميعهم يرتدون جلود الذئاب إشارة للقوة والبطش
12 .عدم االنصياع لااومر القائد عبد الرحمن الغافقي.
13 .لم يحاول عبد الرحمن الغافقي كسب صداقة "الدوق اودو"، مما ألب عليه الفرنجة.
أبعاد المعركة
تعتبر معركة بلاط الشهداء معركة حاسمة وفاصلة، ولو انتصر العرب فيها؛ لوقعت
أوروبا بأسرها في قبضتهم، وعَّم بها الاسلام، كما قال المؤرخ "ادوارد جيسون" في كتابه اضمحلال الامبراطورية الرومانيةخط انتصار المسلمين طوله ألف ميل من جبل طارق
حتى نهر اللوار، كان غير مستبعد أن يكرر في مناطق أخرى في قلب القارة الاوروبية؛ حتى
يصل بالمسلمين إلى حدود بولندا ومرتفعات اسكتلندا... فالراين ليس بأصعب مرورا من النيل
والفرات، وإن حصل ما قد ذكرت؛ كنا اليوم سنرى الاساطيل الاسلامية تبحر في التايمز
بدون معارك بحرية، ولكان القرآن اليوم في اوكسفورد، يقول كريزي":
" إن النصر العظيم الذي ناله شارل مارتل على العرب سنة 732 م؛ وضع حدا حاسما لفتوح
العرب في غرب أوروبا، وأنقذ النصرانية من الاسلام
بعد معركة بالط الشهداء؛ لم يعاود المسلمين التقدم في المنطقة ، انتشار تمرد البربر والتحاقهم بالخوارج، أو دعمهم للدعوة العباسية، بسبب إجحافهم.
ا ستغل أهل المناطق الجبلية في شمال شبه الجزيرة مقتل عبد الرحمن الغافقي ليعلنواشق عصا الطاعة .لحسن حظ المسلمين في الاندلس أن شارل مارتل انشغل عنهم بقتال أبناء جنسهن من الا عداء، فقام القائد الجديد عبد الملك بن قطن الفهري ينظم الصفوف لفتح مدن آرل وابنيون وقالانس وليون.
اانتصار شارل مارتل الكبير على العرب؛ جعل منه بطلا قوميا، وذاع صيته في
العالمين الاسلامي والمسيحي، ولقبه الفرنجة "شارل مارتل"، أي شارل المطرق
انتشر النزاع والقتال بين العرب والبربر، وبين المضرية واليمنية، فأصبح بعض
المسلمين يستعينون بالفرنجة على إخوانهم
بلاط الشهداء جرح مازال ينزف
بلاط الشهداء اسم ما زال يبث صدى المعارك الطاحنة التي خاضها العرب ضد
الفرنجة. لم تكن معركة عادية أو عابرة في ذاكرة التاريخ، بل معركة محفورة بأنهار الدم التي
أريقت، وبآهات الجرحى واستغاثتهم وهم يذبحون على يد شارل مارتل وجنده المشبعين
بالوحشية. معركة رغم بسالة العرب فيها؛ إال أنهم لم يتقيدوا بتعليمات قائدهم عبد الرحمن
الغافقي الذي سقط شهيدا في ميدان المعركة. التشبث بالغنائم كلفهم األرواح؛ وقد تركوها عند
انسحابهم.
الخروج لحملة عسكرية مصيرية؛ ليس فقط على مستوى العالم لاسلامي بل أيضا
على مستوى العالم المسيحي، بحاجة إلى عدة خطوات مدروسة: وحدة الجيش، تأمين
الامدادات، مباركة الخليفة، مباركة والي أفريقيا هو الذي يعين والي االاندلس وأن يكون
دافعها نشر إلاسلاموليس السلب أو النهب أو جني الغنائم... واختيار الزمان
والمكان بدقة، وتقدير وتحديد هوية وعدد جند العدو
، ومالئمة الجو العام للخروج للحرب والقتال، والحزم مع القادة والجند...
لو ُوفق عبد الرحمن الغافقي في حربه، لوقعت أوروبا بأسرها بيد الاسلام، ولتغيرت
خارطة العالم. ومن شدة هول نتائج المعركة وأثرها على العرب، أنهم أخذوا يتراجعون رويدا