معركة اليرموك636م
معركة اليرموك بوابة أخرى للفتح الاسلامي، وأسطورة النصر الرباني، وكان المسلمون قد جربوا قتال الروم في عدة معارك أهمها مؤتة 628 م، حيث تكبد المسلمون
الخسارة، ولولا حنكة خالد الذي أنقذ الجيش من براثن جيش الروم بانسحابه سراً، فسماه الرسول صلى الله عليه وسلم: "سيف الله المسلول"
وقال عنه الخليفة الراشدي الاول: "والله لانسينّ الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد وهزمهم في معركة أجنادين 16 هـ- في فلسطين بين الرملة وبيت جبرين
.
أسباب المعركة
- رغبة الجيش الاسلامي في نشر الدين الجديد.
- رغبة في إخضاع مناطق جديدة لنفوذ المسلمين
- جاءت معركة اليرموك استمرارللمعارك بين الطرفين.
المعركة
في صيف عام 636م، افتتح البيزنطيون المعركة بجيش عظيم يقوده توذر البطريق، فالتقاهم
االمسلمون في اليرموك، وهو رافد من روافد نهر الاردن، منشأه في حوران ومصبه بحيرة طبريا
. بلغ عدد جيش هرقل من الروم وأهل الشام وأهل الجزيرة وارمينية ، مائتي ألف، وبلغ
عدد المسلمين أربعة وعشرين ألفا.
وبالرغم من قلة عدد المسلمين؛ إلا أن خالداً رأى العكس،
فحين قال أحد الجنود: ما أكثر الروم وما أقل المسلمين! انتهره خالد وقال: "بل ما أقل الروم
وأكثر المسلمين! إنما تكثر الجنود بالنصر، وتقل بالخذلان، لا بعدد الرجال.
واشتركت النساء المسلمات في القتال إلى جانب الرجال. فهذه هند بنت عتبة - أم معاوية بن أبي
سفيان- تقول: "عضدوا الغلفان بسيوفكم"
وكان النصر للمسلمين، فقد قتل من الروم مائة
وعشرون ألف قتيل، أي أغلب الجيش الرومي، فكان النصر للمسلمين
أما قتلى المسلمين فبلغوا ثالثة الف.
أسباب انتصار المسلمين
1.إلايمان المتدفق، والعزيمة الصلبة في نفوس المسلمين.
2 .الخطط العسكرية الفذة التي وضعها خالد بن الوليد: طريقة القتال الحديثة، وتقسيم
الجيش إلى فرق.. فجعل أبو عبيدة في القلب، وعمرو بن العاص على الميمنة، ويزيد بن أبي
سفيان على الميسرة.
3 .اختار المسلمون موضع المعركة، فقد حاصروا الروم قبل المعركة، قال عمرو: "أيُّها
الناس أبشروا، ُحصرت والله الروم، وقلما جاء محصور بخير"
4 .كانت سوريا مستعمرات بيزنطية مما سهل عليهم تركها.
5 .طريقة قتال الروم: أن يربضوا بوضعهم بعضاًبسلاسل من حديد.
6 .الجيش الارمني داخل الجيش الرومي لم يكن مخلصاً حيث انسحب قائده في المعركة.
إبعاد معركة اليرموك
1 .وقوع الشام بأيدي المسلمين، وإن كان فعلياً هنالك أجزاء كبيرة ما زالت بأيدي الروم،
لكن وقع المعركة كان مزلازلً . "لما بلغ هرقل خبر أهل اليرموك، وإيقاع المسلمين بجنده،
هرب من أنطاكية إلى القسطنطينية، فلما جاوز الدرب قال: "عليك يا سورية السلام، ونعم البلد
هذا للعدو"
2 .استفاد المسلمون من فنون الحرب، وتعلموا حصار المدن، مثل: دمشق وبيت المقدس
وحمص.. حيث لم يكونوا يعرفون هذا النوع من القتال.
3 .أثبتت هذه المعركة أن المسلمين رغم قلة عددهم، وخبرتهم المتواضعة في فنون القتال،
إلا أنهم نجحوا في فتح جبهتين في آن واحد، وحسم الموقف، ودحر إمبراطوريتين عريقتين.
4 .روية سياسية واحدة، الخليفة عمر بن الخطاب يسير على نهج الخليفة أبي بكر الصديق
الذي أرسل الجيوش، فلم يقم عمر بوقف الزحف، أو إطفاء حلم أبي بكر، وهذا إن د ّل على
شيء؛ فإنما يد ّل على أن الرسالة واحدة والهدف واحد.
5 .عظمة خالد بن الوليد: تضاربت الاراء حول سبب عزله عن قيادة الجيش. يقول عمربن الخطاب
"إني لم أعزله عن سخطةٍ ولا خيانة، لكن الناس فخموهُ وفتنوا به، فخفت
أن يوكلوا إليه، فحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع، ولا يكون بعدها فتنة "
.أما جواب خالد فكان: "أنا لا أقاتل من أجل عمر، وإنما أقاتل إرضاءً لرب عمر".
وهنالك آراء أخرى تقول: إن عمر لم يعد بحاجة إلى فاتح، بل إلى حاكم للمناطق التي
احتلها المسلمون.
وربما بسبب حروب الردة التي لمع بها نجم خالد، وإن يكن خالد يستحق التكريم
والاحترام لعبقريته التي لن يكررها التاريخ.
وتختلف الرواية: لمن بعث عمر بن الخطاب الرسالة؟ لخالد بن الوليد، أم لابي عبيدة؟ فستر
أبو عبيدة على الكتاب حتى توالت عليه كتب الخليفة، فعلم خالد باالامر
"ولما انتهت الموقعة سلم خالد الكتاب إلى أبي عبيدة بالامارة"
إن عزل خالد لم يمنع استمراره في الفتوحات جندياً
توفي خالد عام 642 في مدينة حمص في سوريا. وعندما كان على فراش الموت قال:
"ما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة سيف أو رمية سهم. وها أن ذا أموت على فراشي حتف أنفي
كما يموت البعير... فلا نامت أعين الجبناء"
6 .انضمام الأغلبية الساحقة من سكان البلاد إلى الاسلام بعدما شاهدوا سماحة إلاسلام.
اليرموك لؤلؤة في صدر التاريخ الأسلامي
من كان يتصور أن يسحق العرب الروم! تلك الامبراطورية التي يمتد تاريخها
وجذورها في عمق التاريخ والحضارة، بفضل العزم والايمان والتصميم وروح التضحية،
والتخطيط العسكري الفذ، ونبوغ خالد بن الوليد، وتشجيع وإرشاد الخلفاء الراشدين: (أبو بكر وعمر بن الخطاب). نجح العرب في دحر جحافل الروم في عقر دارهم، والروم عشرة
أضعافهم! لكن الغلبة ليست بالعدد أو بالسلاح، ولكن بمن يحمل السلاح، أثبتت معركة اليرموك الفاصلة أن لقوة المسلمين سحراً يهابهم الأعداء قبل وصولهم، ً
وترحب بهم الشعوب التي تتوق لمعاملة منصفة بعيدة عن التعصب الديني والقومي.
في معركة اليرموك لايسعنا إلا أن نحترم شخصً سيف الله المسلول الذي لا يقهر.